الجنسية.. والهوية المفقودة

كتبتها: ابتسام المقرن

“الجنسية”.. قد تكون هي الرواية الأولى التي يتحدث فيها البطل الفلسطيني عن هويته المفقودة بين القدس (حيث ولد) وبين جدة (حيث يعيش)!

رواية تتحدث عن أزمة الهوية وإشكالاتها لدى شاب فلسطيني يعيش في السعودية، ويصعب عليه أن يعرف إلى أي المكانين ينتمي: السعودية أم القدس..؟! هل يجب أن يكون هو في المكانين، أم يتشكل وفقاً للمكان الذي يتواجد فيه حتى يرضى عنه أهل البلد..؟ ((لقد كنت دائما مزيجاً بين اثنين، دون أن أفكر بالأمر على محمل الورطة، فالأجنبي الذي يعيش فلسطينياً في السعودية، هو ذاته الذي يقضي صيفه السنوي سعودياً في شوارع القدس)).

السرد جاء سلساً وجميلاً رغم صعوبة هذه الأزمة، البطل يتحدث عن مشاعره، همومه، أفكاره وإشكالاته وآرائه، مما يجعل الأمر يلتبس على القارئ؛ هل هي سيرة ذاتية أم لا..؟ ولكن معتز في لقاء معه أثناء معرض الكتاب ينفي كونها سيرة ذاتية، ولكنه لا ينفي أن بعض ما جاء فيها يتقاطع مع حياته.

لغة الرواية متزنة، وهادئة إجمالاً، لا تكيل المدح لجهة على حساب آخرى؛ ((لا أشعر أن أحدهما أجمل من الآخر، لكل منهما ملامحه وبصمته))، وقد ترتفع النبرة أحياناً أخرى، بما يتناسب مع الهم الذي يسكنه.

لا تبدو الرواية وكأنها بكائية على هوية ضائعة، كما يعبر –غالباً- أبناء الجيل لسابق، وقد ألمح بطل الرواية للاختلاف بين الجيلين في التعامل مع القضية الفلسطينية، وكيف يحرص جيل الآباء على ((دسّ إزميل المسؤولية في جذوري تجاه كوني غريباً صحاب قضية))، فتتساءل أثناء قراءة الرواية: هل الانتماء يجب أن يكون للمكان الذي نولد فيه، أم للمكان الذي نعيش فيه ونسير على أرضه كل يوم..؟ 
((حين كبرتُ، صار لي إيمانٌ آخر ووطن معلق كالخنجر على الخريطة، وأرض لا تفارق ملوحتها شفتيّ، نخلة تنبت من قلبي ويتساقط البلح عنها مع كل دقة فيه، وثمة شجرة زيتون تعرّش في نسوغي، وتشيح على تجاعيد أصابعي، دمي قنطرة تصل بحر جدة بعتبات القدس، كلما حل بي الظمأ قطعت شرياناً لينفجر راوياً ظمأ هذه المسافات!))

غلاف الرواية لافت وجميل.. بدت كـ جواز سفر أخضر اللون، تعلوه نخلة صفراء، وصفحاته ممهورة بالرقم F261080 ولو دققنا النظر قليلا فالرقم يمثل تاريخ ميلاد كاتب الرواية..!
”الجنسية”.. عمل سردي يقع في 175 صفحة من القطع المتوسط صدرت عام 2010 عن دار أزمنة للنشر والتوزيع.

(Visited 83 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *