أحلامي، يتسرّب لها الساهرون في غزة، ألاحق الصغار الضاحكين بلا سبب، والأمهاتُ الصغيرات مشغولات بأحاديث فارغة، إحداهن ترتدي منديلاً زهريا، قالت إن الله لا ينسى أحداً. صدّقتها. وبينما يتلفّت رأسي، أرى ظلال رجال يتدافعون، يحكون عن وعيدٍ قد يتحقق، وَوعد خافت، يغمسون أصابعهم في الزيت، وقلوبهم في المراجل.
بينما أسلّم للغيب مناماتي، يركض جمع من الناس بلا اتجاه، يتحدثون بلا فزع: الموت لا محالة مقبِلٌ، من أي باب يدخل؟ لم يعد ثمة باب، ليهبط من السقف، أو ليدخل من النافذة المخلوعة، وليأتِ كما أراد له الله، خفيفاً، ومثقلاً بالجنان والراحة الأبدية والصغار؟ يحلّقون في الأخبار والمنابر، ويرفّون بأجنحتهم للمزيد من المآسي.
أحلامي، بأطفالها والرجال، بنسوتها اللواتي يبعن الملام والحكايات بثمن بخس، تستيقظ في غزة، وفيها يسأل السيرياليون عن معنى أن تموت عائلة في محط قذيقة، وأن يولد في الرمال طفل قبل أوانه، أو أن يكتب الشعراء عن الحرب بعيني حبيباتهم، فأدين ما كتبوه: الحرب ليست محراباً للحب، ولا مرتعاً لشهوة الشاعر في القضاء على الموت.. تقول أحلامي.
في أحلامي كانوا لا يزالون أحياء.