خدعة

ليس في الأمر خدعة..!
هكذا تتحدث إلى نفسك, وأنت من سَكَنَةِ الهامش,
ثم فجأة, حين تقتحمك الحياة مرة واحدة,
تسأل نفسك, ولا تعي الذي ينتظرك:
أليس الأمر خدعة؟!
ودون أن تعتني بالفاصل بين الهامش والحياة,
تمشي كل ليلة إليها
ثم تعود لتنام في الهامش الذي كنت دوما,
لكنك تحلم بالحياة قريبا.. بالحياة كما ينبغي أن تكون..!

الحياة تقفز بعصا الزانة, تركض كالصاعقة, أو ربما شاءت أن تطل بشكل جديد:
قالب غامق, وثمة كفوفٌ تصفق حولك
ونظرة, لا يمكن إلا أن تكون حقيقية,تخبرك أنهم يحملون لك الحياة,
وهي ذاتها النظرة تشي ولا تقول:
أنا أعطيتهم الحياة, أنا طلبت منهم أن يقدموها إليك!
وحين تنفخ بقوّة الجبابرة هذه الجحيم,
تنطفئ (الجحيم لا النظرة)
لكنّ جحيما أخرى تقف على ركبتيها
تمد نحو النظرة جسرا عتيقا,
محتفظاً باتزانه, قابضاً على قوّته.. لكنّ شيئا لا يمرّ,
ورغم أنك لا تنتظر مرور شيء, ولا تريد إلا أن تحافظ على الحياة
لا.. ليست الحياة التي يفصلها عن الهامش برزخ,
بل الحياة التي قدّمتها نظرةٌ حقيقية,
حتى وإن كان لسانها معقودا
أنت لا تسأل نفسك: أليس الأمر خدعة..!؟


إذاً.. كل شيء حقيقي,
كان لا بد أن تأتي الحياةُ في صيغة أخرى:
سكينا عملاقة تحزّ الحياة لتقدم لك قطعة منها,
سيجارة عميقة, كما لو أنها حفرة لا نهائية,
وحلقة إضافية تعلق فيها حياتك الجديدة..!
وتوحي بأن كل شفراتك, وأرقامك السرية,
ومفاتيحك, وبطاقاتك الشخصية,
لم تعد صالحة إلا في هذه الصيغة
فترى حياتك حين تفتح بيتك, وحين تدير سيارتك,
تراها حين تفتح مكتبك لكي تمضي إلى حياتك التي في الهامش,
حيث لم تعد هامشا, ولا نسخة مزوّرة,
تصبح الحياة هامشا كبيرا, وهامشك الحياة..
لكنها حياة لا تتكرر, ولا تجبرك أن تفرك أذنيك وتسأل:
أليس الأمر خدعة؟!

الحياة لا تستعار,
لكنها تترنح في الحلم عامين قبل أن تأتيك, وقبل أن تصرخ بجرأة:
إن ثوبي معطّر بالبرتقال.. وروحي مخترقة!
ماذا يعني أن تكون روحك مخترقة؟!
يعني أنك أردت أن تغنّي قليلا..
فوق مئذنة في جامع مهجور.. وبعيد إلا لمن يريده..

هناك حيث الحياة تنتظرك
ثم حين تنتصب أمامها لتسمع أغنيتك..

تتذكر خيانة صغيرة: لستَ وحدك!
فتسيّجك الكبرياء عن خيانة صوتك,
ولا يلوح لك أن تسأل هذه المرة, ولو من بعيد, نفسك:أليس الأمر خدعة؟!

أوه.. إنها الحياة مرة أخرى!
الحياة الحقيقية التي تحبها بشغف, وترفض ألا تكون لك..
ورغم هذا فإنك تنسى أغنية المرة الأولى,
وتحلف أن ستغني لها كثيرا..كثيرا..

ليس في الأمر خدعة بكل تأكيد..
إنها الحياة: روحك التي اختُرقَت: جسدك الذي استوطِن,

كل يوم تقودك إلى أمكنتها الجديدة التي لا تعرفها,
وتفتح فناجين الأرض كلها ولا تقرأ شيئا منها
وتقسم بأشجار البراءة أن لن تتركك,
دون علامات استفهام, ودون أن ينتابك صداعٌ لسؤال قد نسيته!
إذاً.. ليس في الأمر خدعة!
هكذا تتحدث إلى نفسك عن الحياة والرمح الذي اخترقك..!
:

أنت لا تنتظر إلا شيئا واحدا..

الحياة كما هي.. دون أن يكون في الأمر خدعة..!

(Visited 51 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *